في عام ٢٠٠٠، التحق أقل من مليون طالب وطالبة بالمدارس الدولية حول العالم، ولكن هذا الرقم تضخّم بشكلٍ كبير في عام ٢٠٢٢ ووصل إلى ٦.٥ مليون طالب وطالبة (بحسب بحث أجرته شركة استشارات المدارس الدولية في عام ٢٠٢٣).
وفي المقابل ارتفع عدد الموظفين العاملين في المدارس الدولية خلال الفترة ذاتها من ٩٠ ألف موظف إلى ٦٢٧ ألف موظف.
وفي المملكة العربية السعودية، حيث أُقيمُ حالياً، يُعدّ التعليم من المحاور الرئيسة للنمو، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى أحد محاور رؤية المملكة ٢٠٣٠ المتمثل في زيادة الالتحاق بالمدارس الخاصة إلى ٢٥٪ بحلول عام ٢٠٣٠.
بالنسبة لنا، يتجلّى هذا النمو في ثلاثة محاور رئيسة: الانتقال إلى الحرم المدرسي الجديد الذي تبلغ مساحته ٢١ هكتار، ومضاعفة عدد طلبتنا إلى ١٠٢٠، إضافةً إلى تعيين المزيد من الموظفين.
وبناءً على هذا النمو، سينصَبُّ تركيزنا على إحدى القضايا الأكثر إلحاحاً بالنسبة لنا - وفي الواقع بالنسبة لجميع المدارس الدولية الجديدة – وهو بناء فِرق من الكوادر الإدارية والتعليمية يتحلُّون بمستوى عالٍ من الأداء مما ينعكس بشكلٍ واضح على مجتمعاتنا.
ولكن، كيف يمكن للمدارس أن تحقّق النجاح في ذلك؟
أهمية تقدير الكفاءات المحلية
من المؤكد أن إدارة مدرسة دولية دون استقطاب خبراء في الفروق الثقافية والمهارات اللغوية لا تعتبر وصفةً صحيحة لتحقيق النجاح.
وبالنتيجة، فإن أفضل طريقةٍ تضمن تطوير المدارس بحيث تكون قادرة على تحقيق فهمٍ أعمق للبيئة المحيطة هي من خلال بناء فريق عملٍ مُتنوع يضم عدداً كبيراً من الخبراء المتخصّصين من الدولة المُضيفة.
ويعتبر هذا الهدف قابلاً للتحقيق بشكلٍ فعّال إذا حرصت الفرق الإدارية على تطبيق منهجيةٍ منفتحة لتوظيف الكفاءات وتطويرها. كما يجب أن تكون مستعدة دوماً لمعاملة الآخرين بعدلٍ ومساواة مهنية وتجنب الوقوع في فخ التعميم - سواء ضمنياً أو بشكلٍ صريح.
من الناحية العملية، فإن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك تتمثّل في تحديد الغاية من توظيف كوادر محلية.
وفي مدارس مسك، كان هدفنا الأول هو التأكُّد من وجود تمثيل سعودي قوي على مستوى فريق الإدارة العُليا. لذا حرصنا أن يعمل مدراء مدرستنا جنباً إلى جنب مع نائب المدير ممثل مدارس البنين أمام وزارة التعليم، نائب مدير مدارس مسك لجودة الحياة والحماية، وهو خبير سعودي يتحدث باللغتين العربية والإنجليزية حيث نظم مؤخراً أول مُنتدى للحماية في المملكة.
ونفخر في مدرستنا أن كوادرنا العُليا بدءاً من المدير العام وصولاً إلى نواب المدير يتمتعون بقدرةٍ على إتقان لغتين أو أكثر. كما أننا على وشك أن نحقّق المساواة بين عدد أعضاء فريق الإدارة الأكاديمية في المدرسة، حيث قرُبت النسبة بين الذكور والإناث إلى ٥٠/٥٠، ويتكوّن مجلس إدارتنا بالكامل تقريباً من مواطنين سعوديين يعملون على ضمان تنفيذ أُطر متميّزة للحوكمة في مدرستنا. إضافةً لذلك، فإن غالبية الموظفين الإداريين هم سعوديين، ونسعى بجدٍ لزيادة عدد المعلمين السعوديين.
ماذا بعد توظيف الكفاءات؟
مما لا شك فيه أن تعيين موظفين متميّزين، على المستوى الدولي والمحلّي، يجب أن يتزامن مع متابعة تطوير كفاءاتهم بشكلٍ منهجي.
ومن خلال المشاركة في برامج التطوّر المهني كل عام، أصبح بإمكان جميع الكوادر في المدرسة، بغض النظر عن خبرتهم أو جنسيتهم، تطوير مهاراتهم ومعرفتهم، وبالتالي تعزيز قدراتهم على تقديم الدعم اللازم للطلبة والمساهمة في نجاح المدرسة.
وهنا، يأتي الدور الجوهري لأكاديمية التطوّر المهني التي تعمل بشكلٍ استراتيجي ومنظّم بشكلٍ جيد.
ويُمكن لهذه الأكاديمية أن تتخذ شكلاً مادياً حيث يكون لها قاعات صفّية خاصة بها وقائمين عليها متخصصين. ولكن إذا كانت الموارد محدودة، يُمكن أن تقدّم هذه الأكاديمية برامجها كجلسات للتطوّر المهني تُعقد بعد الدوام المدرسي ومن خلال مواد يُمكن دراستها بشكلٍ مستقل.
ولكن ما لم تعمل الأكاديمية على إعداد عروضها بشكلٍ استراتيجي؛ أي بطريقةٍ تدعم رؤية المدرسة وأهدافها، فلن تكون فعّالة.
علاوةً على ذلك، فإن التطوّر المهني المُستمر المُصمّم وفقاً لمنهجيةٍ غربية؛ أي إنه يتم تقديم البرامج باللغة الإنجليزية فقط ودون أي فهم للاحتياجات التدريبية الدقيقة للكوادر، لن ينتج عنه الأداء العالي الذي نطمح له.
وبالتالي، استطاعت أكاديمية مدارس مسك التغلّب على هذا التحدّي كمركز تدريب ثنائي اللغة بالكامل يُقدم العديد من الدورات بدءاً من التدريب الأولي للمعلمين وصولاً إلى دورات القيادة المعتمدة من مؤسسة كامبريدج، ومن المشاركة في دورات مجلس المدارس البريطانية الدولية (COBIS) وصولاً إلى تدريبات ديل كارنيجي المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
كما أننا عملنا على التأكُّد من أن تُضيف هذه العروض المزيد من القيمة إلى استراتيجية مدرستنا وبناء قدرات الموظفين والتقدير الذاتي النابع من المهنة في مجالات التركيز الأساسية، وذلك من خلال تنفيذ عملية من ست خطوات تهدف إلى تحديد ما نحتاج إليه بشكلٍ خاص وما يُمكن أن تطبّقه أي مدرسةٍ تطمح لتحقيق شيءٍ مُماثل.
١. تحديد الأهداف الاستراتيجية للمدرسة، على سبيل المثال: تطوير المناهج الدراسية، وتسجيل الطلبة، وتحديد أهداف ملف / إنجازات الطالب الخرّيج، وملفات الموظفين وغيرها.
٢. إجراء تقييم للاحتياجات يُساهم في تحديد المهارات والمعارف التي يحتاجها الموظفون لدعم هذه الأهداف.
٣. إجراء تحليل للفجوة لتحديد المهارات والمعارف المفقودة، وذلك لنتمكّن من تصميم عروض الأكاديمية بشكلٍ مناسب.
٤. مواءمة التطوّر المهني مع إدارة الأداء بحيث يُصبح للموظفين فهمٌ واضحٌ حول سُبل ربط التطوّر المهني المُستمر مع الأداء الفردي وأهداف المدرسة.
٥. تخصيص التمويل المناسب منذ إطلاق الأكاديمية حتى تكون مجهّزة جيداً وتتمتع بسُبل الوصول إلى الموارد والمعدات اللازمة.
٦. تقييم الأثر وإجراء تحسينات منتظمة للتأكُّد من استمرار الأكاديمية في دعم تطوّر المدرسة على نحوٍ هادف.
وبناءً على التركيز على هذين المجالين، ستتمكّن المدارس من التطوّر واستقطاب الكوادر الجديدة مما سيُسهّل تحقيق التوازن بين الموظفين المحليين والدوليين الذي سينعكس حقاً على المجتمعات التي تخدمها، وفي الوقت ذاته تضمن بقاء هذه المدارس مُتربّعةً على القمة طوال مسيرتها التعليمية.
جيريمي نيوتن - المدير الأول - مدارس مسك
** نُشر هذا المقال في الأصل باللغة الإنجليزية في مجلة Tes وتمت ترجمته ومشاركته بإذنٍ من المُحرّر